تاريخ النشر 16 ديسمبر, 2024

 

التحرش الجنسي بالأطفال، من أخطر القضايا الاجتماعية التي تؤثر على سلامة ونمو الطفل. يُعرف التحرش بأنه أي سلوك غير لائق يمس كرامة الطفل وحرمة جسده ويؤثر على صحته النفسية والجسدية. تتعدد أشكال هذا التحرش وتتدرج بدءاً من التحرش اللفظي ثم لمس الطفل بطرق مريبة وغير لائقة، وصولًا إلى الاستغلال الجنسي المباشر الذي يؤدي إلى آثار سلبية عميقة قد تستمر مدى الحياة.

تتفاقم هذه المشكلة في ظل غياب الوعي الكافي لدى المجتمع حول كيفية التعرف على علامات التحرش وكيفية حماية الطفل بشكل صحيح. كما أن بعض العوامل الاجتماعية والثقافية مثل التقاليد والعادات، قد تؤدي إلى اكتفاء الكثير من الضحايا بالصمت والخوف من الإبلاغ عن هذه الاعتداءات. لذا، فإن التربية الجنسية الصحيحة والتوعية والتثقيف حول حقوق الأطفال وضرورة حمايتهم تُعد من الخطوات الأساسية لمكافحة هذه الظاهرة. 

إن التصدي لمشكلة التحرش الجنسي بالأطفال يتطلب جهودًا مشتركة من جميع أفراد المجتمع، بما في ذلك الأهل، المدارس، والجهات الحكومية، لضمان بيئة آمنة وصحية للأطفال.

معرفة الحقائق:

إن معرفة الحقائق والاطلاع الصحيح على واقع المشكلة يساعدك لتحمي طفلك بطريقة صحيحة متوازنة دون استهتار أو مبالغة في التخويف. ومن أبرزها: 

يقدر الخبراء أن 1 من كل 10 أطفال يتعرضون للتحرش الجنسي قبل بلوغهم سن 18 عاماً.

30% من حالات التحرش بالأطفال تكون من قبل أفراد الأسرة.

60% من الحالات ترتكب من قبل أشخاص تثق بهم الأسرة.

حوالي 35% من الأطفال الضحايا أعمارهم تبلغ 11 عاماً أو أقل.

ماذا عن خطر الغرباء؟

تظهر الإحصائيات أن الخطر الأكبر الذي يهدد الأطفال لا يأتي من الغرباء بل من الأصدقاء والعائلة؛ بينما تبلغ الحالات التحرش المرتكبة من قبل غرباء حوالي 10% فقط.

من المهم أيضاً الانتباه إلى أن المتحرشين غالباً ما يبدون ظاهرياً كأي شخص آخر ويسعون جاهدين ليبدو بمظهر جدير بالثقة، ويبحثون عن أماكن تتيح لهم الوصول بسهولة إلى الأطفال، مثل النوادي الرياضية والترفيهية والمدارس.

الآثار السلبية مستقبلاً:

يُعتبر التحرش الجنسي بالأطفال أحد الأسباب الرئيسية للعديد من المشكلات الصحية والاجتماعية التي تواجه مجتمعاتنا، إذ تشير النتائج التي توصلت إليها الإحصائيات إلى أن ضحايا التحرش الجنسي هم عرضة للوقوع في الكثير من المشكلات الاجتماعية لاحقاً كالإدمان على المخدرات والميول الانتحارية واضطرابات الأكل والشهية خصوصاً في مرحلة المراهقة، ومن الملفت أن الذكور والإناث الذين تعرضوا للاعتداء الجنسي دون علاج جسدي ونفسي لاحق هم أكثر ميلًا في المستقبل للانخراط في الانحرافات السلوكية الجنسية التجارية كالدعارة مثلاً.

الأطفال الذين يتعرضون للتحرش أو الاعتداء الجنسي ويكتمون معاناتهم سراً أو الذين يبوحون بما حدث لهم ولا يُصدقهم أحد، يكونون أكثر عرضة لمشكلات نفسية وعاطفية واجتماعية وجسدية، والتي غالباً ما تستمر طوال حياتهم مالم يتم تقديم العلاج المناسب.

تقليل فرصة التعرض للخطر:

أكثر من 80% من حالات الاعتداء الجنسي تحدث في ظروف منعزلة وفردية، إذا تم إبعاد الطفل عن هذه الظروف فإن ذلك سيساهم بشكل كبير في تقليل خطر التحرش الجنسي. حاول قدر الإمكان أن يكون اختلاط طفلك بالناس جماعياً ولكن في الحالات الخاصة التي تقتضي تعاملاً فردياً احرص على سلامة طفلك سواء كان مع مربي أو معلم، حاول أن تجد طريقة تراقب فيها طفلك عن بعد مع إمكانية التدخل السريع عند الحاجة.

– انتبه للمواقف التي يتمكن فيها الشبان المراهقون من الاختلاط مع الأطفال الصغار كفعاليات المدرسة الترفيهية مثلاً، وتأكد من وجود عدد كافٍ من البالغين للإشراف والمراقبة.

– تذكر أن المتحرشين غالباً ما يظهرون وداً ولطفاً مع الأطفال وعائلاتهم لكسب الثقة ورفع الشبهات عنهم بحيث يتمكنون مع قضاء وقت بمفردهم مع الأطفال.

_تحدث مع الطفل بعد أي وقت يقضيه بمفرده مع شخص بالغ وراقب مزاجه وطريقة إخباره لك بما فعله هل بدا مرتاحاً أم مرتبكاً. 

_من المفيد أيضاً كأسلوب رادع أن تتحدث أمام الشخص الذي يعتني بطفلك أنك على اطلاع بمشكلة التحرش الجنسي وتسعى دائماً لتعليم طفلك وتثقيفه ليتمكن من حماية نفسه. 

 

التحدث مع الطفل عن التحرش الجنسي:

بأسلوب مبسط بعيد عن الترهيب ومناسب لعمره، يمكنك تعليم طفلك فكرة حرمانية جسده وحدود الآخرين أثناء التعامل معه، هذا الوعي والشرح سيزيد من وعي الطفل وسيجعله يدرك حقه في قول “لا”

علم الطفل أن تصرفات الكبار بطريقة جنسية تُعتبر مرفوضة تماماً وقدم له أمثلة توضيحية.

اشرح له أجزاء جسده التي لا ينبغي لأحد لمسها أو رؤيتها خاصة المنطقة التناسلية.

وضح له أن المعتدي قد يكون شخصاً بالغاً يعرفه أو أحد أفراد الأسرة أو شخصاً غريباً.

علم الطفل عدم مشاركة معلومات شخصية أثناء استخدام الإنترنت، مثل عنوان المنزل وأرقام الهواتف.

إذا لاحظت أن طفلك يبدو غير مرتاح أو متردد في التواجد مع شخص ما، استفسر عن السبب.

تفهم الأسباب التي تجعل الأطفال يخافون من إخبار الأهل، ففي بعض الأحيان يهدد المعتدي بإيذاء الطفل أو أحد أفراد أسرته،

أو يخبره بأن والديه سيغضبان إذا عرفا بما حدث.

  

تعرف أكثر على كيفية التعبير والتواصل عند الأطفال:

قد يحاول الطفل في البداية الحديث عن الأمر على شكل قصة حدثت لشخص آخر لاختبار ردة الوالدين، ردة الفعل السلبية في هذه الحالة ستجعل الطفل يخاف أكثر ويمتنع عن الكلام.

في حالات كثيرة يلجأ الطفل ليخبر شخصاً بالغاً موثوقاً به غير أحد الوالدين، كالعمة أو الخالة أو ربما معلمته اللطيفة في المدرسة، لذلك فإن تدريب الأشخاص الذين يعملون مع الأطفال يعد أمرًا بالغ الأهمية.

علامات تخبرك أن طفلك تعرض للتحرش الجنسي:

قد تُفاجأ بذلك ولكن في أغلب الأحيان لا تظهر علامات واضحة تدل على تعرض طفل لاعتداء جنسي. يجب أن تبحث بدقة وتأن فقد تتشابه هذه العلامات في كثير من الأحيان مع مؤشرات أخرى تدل على توتر الطفل أو صدمته.

على الرغم من أن العلامات الجسدية للتحرش الجنسي ليست شائعة، إلا أنه ينبغي فحص أي احمرار أو طفح جلدي أو تورم في منطقة الأعضاء التناسلية، بالإضافة إلى التهابات المسالك البولية أو أعراض أخرى على غير العادة وليست شائعة في عمر الطفل. يمكن أن تظهر مشكلات جسدية مرتبطة بالقلق، مثل آلام المعدة المزمنة أو الصداع.

أما الإشارات العاطفية والسلوكية فتبدو أكثر وضوحاً على الطفل، ومنها:

  • الإفراط في الامتثال للأوامر، أو على العكس العدوانية، وعدم الامتثال، والتمرد.
  • القلق والاكتئاب والخوف، وميل الطفل للعزلة.
  • الكوابيس، والتبول اللاإرادي.
  • فقدان الاهتمام بالأصدقاء والرياضة والأنشطة الأخرى.
  • السلوكيات والكلمات الجنسية غير المناسبة لعمر الطفل.

من المهم أن نتذكر أن بعض الأطفال قد لا تظهر عليهم أي علامات على الإطلاق.

التصرف بحكمة ومسؤولية:

من الأفضل أن تنظر للأمر بعين إيجابية أنك استطعت اكتشاف الإساءة وحماية طفلك من أن يتعرض لمزيد من الأذى. عندما يثق بك الطفل ويختارك ليشاركك هذه التجربة الصادمة فهذا يعني أن لديه أملاً كبيراً بك لتكون ملجأ آمناً له وتنقذه وتدافع عنه. لا تهدم هذه الثقة بالغضب أو عدم التصديق، سيشعر الطفل عندها بمزيد من الخجل والذنب، الرغبة في الصمت أو تغيير ما قاله والتكتم عنه حتى لو حدثت الإساءة بالفعل.  

صدق الطفل وأكد له أنك تثق به.

اشكره على صراحته وامتدح قوته.

شجعه ليعبر عن مشاعره، ولكن تجنب طرح أسئلة دقيقة حول التفاصيل؛ فقد تؤدي إلى تشوش ذاكرته للأحداث. يفضل أن تكون الأسئلة مفتوحة مثل “ماذا حدث بعد ذلك؟”

اطلب المساعدة من متخصص مدرب على التعامل مع الأطفال في حالات الاعتداء والتحرش الجنسي؛ فالتوجيه المتخصص له أهمية بالغة في العلاج الجسدي والنفسي كما أنه عامل مساعد في أي إجراءات قانونية محتملة.

قم بالإبلاغ أو اتخاذ الإجراءات اللازمة في جميع حالات التحرش الجنسي، سواء كانت داخل الأسرة أو خارجها.

في الختام

لا داعي للذعر. فالأطفال الذين يتعرضون للإساءة الجنسية ويتلقون الدعم والمساعدة النفسية يمكنهم التعافي والشفاء بشكل كامل. 

وكما نقول دوماً درهم وقاية خير من قنطار علاج، يمكننا دفع الكثير من الأذى قبل حدوثه عندما نمتلك ثقافة التربية الجنسية الصحيحة التي نستطيع تعليمها للطفل بدءاً من عمر يوم وانتهاءً بمرحلة البلوغ، وهذا ما نقدمه بالتفصيل في ورشة “التربية الجنسية” المتكاملة التي تعتبر دليلاً شاملاً يساعدكم في هذه المهمة الحساسة والضرورية جداً لتقديم التربية الجنسية الصحيحة المناسبة لعمر الطفل، بحيث تكون كمربي قادر على الإجابة على تساؤلات طفلك بكل أريحية وتقويم سلوكياته الجنسية في حال ظهور بوادر لها، بالإضافة إلى مساعدة الطفل ليكون هويته الجنسية بطريقة سليمة صحيحة.

 

غزل بغدادي

غزل بغدادي

مستشارة تربوية | مؤسسِة علمتني كنز

هل كان هذا المقال مفيدا لكِ؟ شاركِيه مع الآخرين

نصيحة اليوم

  • نحن معك لتربي طفل واعي جنسياً ❤️

مقالة اليوم

فيديو اليوم

نشاط اليوم

الأكاديمية

تابعنا

المقالات المرتبطة

  • كيف أساعد الطفل على تطوير لغته؟

    27 فبراير, 2022

  • الطفل العنيد

    20 يناير, 2023

  • الطفل و اتخاذ القرار

    10 مايو, 2020

كيف أساعد الطفل على تطوير لغته؟

27 فبراير, 2022

الطفل العنيد

20 يناير, 2023

الطفل و اتخاذ القرار

10 مايو, 2020