من البراءة إلى البلوغ.. أبرز التغيرات الجسدية في سن المراهقة ودور الأهل في التوجيه

مع اقتراب نهاية مرحلة الطفولة المفعمة بالعفوية والمرح، تبدأ مرحلة حساسة جداً في حياة الإنسان وهي المراهقة. إبتداءً  من السنة الثامنة للإناث والتاسعة للذكور  وحتى ست عشر عاماً تترافق هذه السنوات مع مجموعة من التغيرات الجسدية والنفسية التي تؤثر بشكل كبير على نمط الحياة والسلوك والتفكير والمشاعر. تنقسم هذه التغييرات إلى جسمانية مرئية ونفسية وعاطفية غير مرئية، ويؤثر تنوع هذه التغييرات على نمط حياة المراهق وشكل علاقاته مع الآخرين. 

 

البلوغ

تحدث التغيرات الجسدية والنفسية خلال فترة المراهقة كنتيجة لما يعرف بالبلوغ، وهي عملية تطورية معقدة تحدث بشكل رئيسي عند إفراز هرمونات معينة من الدماغ إلى باقي الجسد. وهذه الهرمونات تؤدي إلى تغيرات جسدية مختلفة بين الذكور والإناث، وهي التي تنقل أجسامهم من مرحلة الطفولة إلى مرحلة البلوغ، مما يمنحهم الخصوبة أي القدرة على الإنجاب.

 

التغيرات الجسدية المشتركة

عند النظر إلى مراهق ومراهقة معاً، سيبدوان مختلفين عن بعضهما بشكل واضح بالمقارنة مع شكل الجسد المتشابه في الطفولة، ولكن بالرغم من غلبة الاختلافات إلا أن كلا الجنسين يشتركان في بعض التغيرات وأبرزها الزيادة في الطول والوزن. حيث تصبح العظام والعضلات أكثر قوة وطولاً، وهذا يمكّن المراهقين والمراهقات من أداء مهام لم يكونوا قادرين على القيام بها سابقاً، مثل رفع أشياء ثقيلة أو ممارسة رياضات أكثر شدة. بالإضافة إلى ظهور حب الشباب وزيادة شعر الجسم وتغير رائحة الجسم وظهور رائحة للتعرق.

 

الخصوبة والتغيرات الجنسية

كما ذُكر سابقاً، ترتبط العديد من التغيرات الجسدية في مرحلة المراهقة بالخصوبة. قد يشعر بعض المراهقين بالحرج في البداية من هذه التغيرات، لكن من المهم أن يدركوا أنها جزء طبيعي من النمو والتطور. أما فيما يتعلق بالتغيرات الخاصة بكل جنس:

 

1-الإناث: 

تلاحظ الفتيات تغيرات ملحوظة في توزيع الدهون على أجسامهن. على سبيل المثال، يبدأ الثديان بالامتلاء، ويتسع الوركان. بالإضافة إلى بدء العادة الشهرية، والتي قد تكون غير منتظمة في البداية وتتأثر بعوامل عديدة.

 

2-الذكور: 

تبدأ أكتاف الذكور في الاتساع وتكبر عضلاتهم بشكل ملحوظ. ينمو القضيب والخصيتان، ويختبرون تجربة الانتصاب والقذف، بشكل إرادي أو غير إرادي (كما يحدث أحياناً أثناء النوم). يتغير أيضاً صوت الذكر بشكل ملحوظ، فيصبح أكثر خشونة. 

 

هذه التغييرات المرئية هي علامة صريحة على انتهاء مرحلة الطفولة والانتقال إلى مرحلة جديدة من الحياة، جديدة حتى بتحدياتها وصعوباتها، ودور الأهل في هذه المرحلة هام جداً ويجب أن يمتلكوا المعلومات الصحيحة والأهم الأسلوب الصحيح والبسيط في إيصالها لأبنائهم، وهذا ما تقدمه الأخصائية ياسمين حرب في دورة ” التربية الجنسية للمراهقين” حيث تتناول الورشة موضوع المراهقة من جميع جوانبه الجسدية والعاطفية والنفسية من خلال توضيح التغيرات الحاصلة بالتفصيل والطريقة الصحيحة للتعامل معها، بالإضافة إلى الحديث عن أهم وأخطر المشكلات التي قد يتعرض لها المراهق في هذا السن الحرج، مع توضيح كيفية رفع وعيه وقدرته على تمييز الخطأ من الصواب خاصة في هذا العصر الذي يأخذ فيه الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي حيزاً كبيراً من حياة المراهقين اليومية. 

 

توقيت ومراحل النمو البدني

على الرغم من أن مراحل النمو البدني الرئيسية تحدث للجميع خلال فترة المراهقة، إلا أن توقيت هذه المراحل يختلف بشكل كبير بين الأفراد، سواءً بين الجنسين أو ضمن كل جنس على حدى. تظهر علامات النضج الجسدي عند بعض المراهقين قبل أقرانهم. على سبيل المثال، تبدأ التغيرات الجسدية المرئية لدى الذكور غالباً بعد عامين من ظهورها لدى الإناث. كما يختلف توقيت أول عادة شهرية للفتيات، فقد تبدأ في سن الثامنة أو تتأخر حتى السادسة عشرة.

 

تشكل هذه الاختلافات في توقيت ظهور التغيرات صعوبات نفسية واجتماعية لدى بعض المراهقين خاصة مع غياب الوعي الكافي، فقد يشعر بعضهم بالحرج أو القلق إذا لم يتماثلوا مع أقرانهم في النمو خاصة عند تعرضهم للتنمر. من جانب آخر، قد تؤدي هذه الاختلافات إلى معاملة الآخرين لهم بطريقة لا تتناسب مع نضوجهم المعرفي أو العاطفي. على سبيل المثال، قد تُعامل الفتيات اللواتي يظهرن معالم أنثوية واضحة أو الذكور الذين تتغير أصواتهم خلال المرحلة الإعدادية كأنهم أكبر سناً أو أكثر وعياً من أقرانهم الذين تأخرت تغيراتهم الجسدية في الظهور، حتى لو لم يكن لديهم النضج العاطفي أو العقلي المطلوب. 

في بعض الحالات يكون الذكور الذين ينمون بسرعة جسدياً أكثر ميلاً للانخراط في سلوكيات وتجارب تحمل بعض مخاطرة مقارنة بأقرانهم، ويمكن تفسير هذا كردة فعل فيها نوع من الفخر وحب استعراض المعالم الجسدية الجديدة.

 

بالرغم من حساسية وصعوبة هذه المرحلة إلا أن التوجيه الصحيح والدعم المستمر من الأهل له دور كبير في مساعدة المراهقين على تجاوز هذه المرحلة بنجاح وثقة وبناء جيل متوازن جاهز لدخول مرحلة النضج والشباب بجسد سليم وعقل ناضج.