تاريخ النشر 14 أكتوبر, 2024

كم مرة كنت مطمئناً وسعيداً أن طفلك يستمع باللعب مع إخوته أو أصدقائه، يمرحون معاً وضحكاتهم تملأ المكان ولكن فجأة بدأ الضرب والصراخ والبكاء!

من الطبيعي أن يشعر الأهل بالقلق عندما بتحول ابنهم اللطيف إلى طفل عدواني تجاه الآخرين أو حتى تجاههم، حينها تبدأ مخاوف وأسئلة عديدة في الظهور، لماذا يتصرف طفلي هكذا؟ هل سيصبح عدوانياً بشكل دائم؟ هل سيتسبب ذلك في عزله عن أصدقائه أو شعوره بالرفض؟ هل سيصبح متنمراً وعنيفاً عندما يكبر؟

يعتبر الضرب عند الأطفال سلوكاً شائعاً وغالباً ما يظهر في مراحل عمرية مبكرة خاصة دون سن 4 سنوات، ففي هذه المرحلة يبدأ الطفل باكتشاف نفسه والتفاعل مع العالم من حوله ولكنه لا يمتلك المهارات التي تساعده للتعامل مع مشاعره السلبية كالإحباط أو الغيرة، ولذلك يرى أن عض ذراع أحد الوالدين أو صفع صديقه الذي رفض إعطاءه لعبته هو الحل الأمثل، وغالباً ما تكون دوافعه خالية من أي نية سيئة فالضرب بالنسبة له هو مجرد تعبير عن النفس ويمكن القول أنه نتيجة لقلة التدريب أكثر من كونه سلوكاً سيئاً.

ومسؤولية الأهل هنا تكمن في توجيه الطفل نحو سلوكيات بديلة أكثر إيجابية يعبر من خلالها عن مشاعره بطريقة أفضل ويطور مهاراته الاجتماعية والعاطفية.

هناك بعض الأشياء التي يجب فعلها وأخرى يجب تجنبها عند التعامل مع سلوكيات الأطفال الخاطئة مثل العض أو الضرب أو البصق.

لنبدأ بما يجب تجنبه:

1-إياك والرد بالمثل:

عندما يقوم الطفل بسلوك عنيف قد يتبادر إلى ذهن الآباء السؤال التالي: كيف سيفهم الطفل مقدار الألم الذي تسبب فيه إذا لم يشعر به؟

إذا أردنا النظر للموقف بشكل سطحي قد يبدو منطق العين بالعين صحيحاً، ولكن الحقيقة أن رد الفعل بالمثل لا يوقف السلوك العدواني، بل يعززه خاصة عند التعامل مع طفل لا يفهم عواقب أفعاله فما زالت شخصيته وعقله في مرحلة التطور.

2-لا تطلق تصنيفات على الطفل:

يميل معظم الآباء بدافع الحب إلى تصنيف أطفالهم. مثال: ابنتي الجميلة، ابني العبقري ورغم أن معظمها صفات إيجابية إلا أن الاعتياد على هذا الأسلوب سيجعل أيضاً من السهل إطلاق الأحكام السلبية عندما يقوم الطفل بسلوك مزعج، كلمات مثل قليل الادب، مشاغب.. هذه الكلمات تزيد من شعور الإحباط عند الطفل خاصة عندما تُقال أمام الآخرين فهي ترسخ صورة نمطية له قد تحد من قبوله بين أقرانه لاحقاً حتى بعد تغيير سلوكه.

3-لا تجبره على الاعتذار:

يحب الأهل أن يروا طفلهم ملتزماً بآداب السلوك والتهذيب في التعامل، لذلك يطلبون من الطفل الاعتذار الفوري عندما يقوم بفعل مسيء. ولكن يجب توضيح فكره هامة وهي أن الاعتذار القسري هو اعتذار مزيف ليس نابعاً من تعاطف حقيقي، خاصة أن الطفل لا يستطيع إدراك عواقب أفعاله على الآخرين. ودورنا هنا هو شرح وتوضيح شعور الطرف المتأذي بلغة بسيطة واضحة يفهمها الطفل وتنمي عنده شعور التعاطف. على سبيل المثال: “لقد شعرت أختك بالألم عندما ضربتها، هل تتذكر كيف شعرت عندما تعرضت للضرب من قبل شخص آخر؟ لذلك يجب أن تعتذر منها”

أما أهم الأشياء التي يجب فعلها لحل مشكلة الضرب عند الأطفال أو الحد منها قدر الإمكان فهي:

1-حافظ على هدوئك أنت والطفل:

من الطبيعي أن تشعر بالإحراج أو الغضب والقلق عندما ترى طفلك الصغير يقوم بسلوك عدواني، ولكن المشكلة أن هذه المشاعر تعيق قدرتك على البقاء هادئاً في الوقت الذي يكون الهدوء هو أهم ما تحتاجه أنت والطفل، أما الصراخ أو أية ردة فعل عنيفة أخرى ستؤدي إلى تفاقم الموقف وزيادة التوتر. إذا شعرت بالقلق من احتمالية استمرار الطفل بالسلوك العدواني، أخرج طفلك بسرعة من الموقف من خلال أخذه بهدوء إلى مكان آخر، ولا تنس الاطمئنان على سلامة الطفل الآخر.

2-درب طفلك على التعامل الصحيح مع مشاعره السلبية:

إذا نجحت في الحفاظ على هدوئك فقد خطيت الخطوة الأولى على الطريق الصحيح لتكون قدوة للطفل. في وقت لاحق وعندما يكون الطفل هادئاً وجاهزاً يمكن البدء بتعليمه طرق بسيطة ومناسبة لعمره بحيث تساعده على تهدئة نفسه كالغناء مثلاً أو التنفس العميق أو الحركة، يمكنك ببساطة أن تحتضن طفلك ليشعر بالاحتواء والأمان أنك موجود إلى جانبه دائماً. من الممتع أيضاً تدريب الطفل على السلوكيات الصحيحة من خلال اللعب فهي أكثر طريقة محببة له وقادرة على توجيه أفكاره وسلوكياته. على سبيل المثال ضع أمامه كل ألعابه على فرض أنهم أصدقائه واطلب منه أن يعبر عن غضبه أو استيائه دون ضرب أو عض وأن يخبرك بما يشعر ويطلب مساعدتك. بمرور الوقت والتكرار سيكتسب الطفل السلوك الجديد كما أن الوقت الممتع الذي سيقضيه معك سيعزز عنده شعور الأمان ويحد من سلوكه غير المرغوب.

3-تعاطف مع طفلك واشرح له عن الحدود:

الضرب عند الأطفال وغيره من السلوكيات العدوانية هي في الغالب تعبير عن مشاعر قوية يشعر بها الطفل ولا يستطيع التعامل معها دون مساعدة، لذلك من المهم أن تتعاطف معه وتساعده ليفهم نفسه أكثر. يمكنك أن تقول له: “أعلم أنك غاضب، لكن تذكر، ليس صحيحاً أن تضرب أو تعض عندما تشعر بهذه الطريقة.” ثم استمع وركز مع ردة فعله، حتى لو لم يكن يتحدث، فغالباً ما تخبرنا لغة جسده ونبرة صوته بما يعجز عن التعبير عنه بالكلام.

وفي النهاية، اختتم حديثك بتوضيح الحدود بطريقة بسيطة ومفهومة، وقدم له بدائل يمكنه الاختيار منها. مثلاً: “تذكر، ليس من الجيد أبداً أن تضرب أو تعض عندما تشعر بالغضب. في المرة القادمة، جرب أن تخبرني، أو أن تتنفس بعمق وتبتعد قليلاً عن صديقك الذي غضبت منه.” 

بالطبع الأمر يحتاج إلى تكرار وصبر ليتعلم الطفل توجيه مشاعره بطريقة صحيحة.

 

في الختام

قد تجد صعوبة في تقبل فكرة أن طفلك البريء بجسده الصغير يمكن أن يكون بهذه العدوانية ولكن تأكد أن هذه السنوات المبكرة هي الفرصة الذهبية لتعليم الطفل كيفية التعامل مع مشاعره بطريقة إيجابية دون إيذاء الآخرين. وحتى إن كان أكبر سناً اطمئن لم يفت الأوان بعد، يمكنك من خلال ورشة قواعد التوجيه الصحيح أن تحدث تغييرات جذرية في سلوك الطفل.  

غزل بغدادي

غزل بغدادي

مستشارة تربوية | مؤسسِة علمتني كنز

هل كان هذا المقال مفيدا لكِ؟ شاركِيه مع الآخرين

نصيحة اليوم

  • خصم 20 بالمئة على كل منتجات علمتني كنز بمناسبة يوم الطفل ❤️ استخدم هذا الكود على الموقع kevz20 للاستفادة من الخصم.. 24 ساعة فقط وينتهي الخصم

مقالة اليوم

فيديو اليوم

نشاط اليوم

الأكاديمية

تابعنا

المقالات المرتبطة

  • كيف أفهم طفلي؟!

    21 ديسمبر, 2021

  • قيمة الاختلاف، كل إنسان مختلف

    19 نوفمبر, 2021

  • قواعد التوجيه الصحيح

    7 مارس, 2024

كيف أفهم طفلي؟!

21 ديسمبر, 2021

قيمة الاختلاف، كل إنسان مختلف

19 نوفمبر, 2021

قواعد التوجيه الصحيح

7 مارس, 2024