تاريخ النشر 23 سبتمبر, 2025
عملتني كنز… عبارة تختصر المشاعر العميقة التي تعيشها كل أم حين تحتضن طفلها للمرة الأولى، وتلمس جلده الصغير الذي خرج للتو إلى الحياة. في تلك اللحظة، لا تكون الملامسة الجسدية مجرد احتضان، بل هي ولادة جديدة للحب والدفء والأمان. ولهذا السبب يوصي الأطباء بممارسة ما يُعرف باسم وضعية ملامسة الجسد بعد الولادة أو التلامس الجلدي (Skin to Skin Contact)، لما لها من فوائد جسدية ونفسية كبيرة لكلٍّ من الأم والطفل.
يخفف التلامس الجلدي لحديثي الولادة مع أمهاتهم بعد الولادة بفترة وجيزة من الانتقال المجهد من الرحم إلى العالم الخارجي، ويدعم الأمهات لبدء الرضاعة الطبيعية بسهولة وتطوير علاقات وثيقة ومحبة مع أطفالهن. وقد تبين أن ملامسة الجلد للجلد توفر فوائد صحية فورية ومستمرّة للأم والطفل على حد سواء، فهي ليست مجرد لحظة دافئة بل هي بداية طريق من الترابط والنمو والسكينة.
تعرفي أكثر على خطوات الرعاية الأولى، من التلامس الجلدي إلى الرضاعة والعناية بالأيام الأولى بعد الولادة، من خلال برنامجنا المتكامل انضمي إلى برنامج السنة الأولى مع علمتني كنز
ما هي ملامسة الجلد للجلد؟
ملامسة الجلد للجلد هي عملية يتم فيها وضع الطفل فور خروجه إلى العالم الخارجي على صدر أمه مباشرة دون وجود أي حواجز من الملابس. بعد تجفيف الطفل من السوائل، يوضع جسده العاري على صدر الأم أو بطنها، ثم يتم تغطيتهما معًا ببطانية دافئة للحفاظ على حرارة الجسم.
هذه الخطوة تتم غالبًا خلال الدقائق الأولى بعد الولادة، وتُعد من أهم اللحظات التي تسهم في تهدئة الطفل ومساعدته على التأقلم مع البيئة الجديدة خارج الرحم.
وفي الحالات التي تتطلب تدخلاً طبياً فوريًا من طبيب الأطفال، أو عندما تكون الولادة قيصرية، يمكن تأجيل التلامس لفترة قصيرة حتى تستقر حالة الطفل أو الأم، ثم يُعاد تنفيذ الممارسة لاحقًا. كما يمكن للأب أن يقوم بدور بديل في حال تعذر تلامس الأم مع طفلها مباشرة، إذ أظهرت الدراسات أن احتضان الأب للطفل عاري الصدر له تأثير إيجابي مشابه في تهدئة المولود وتعزيز الترابط الأسري.
كيف تتم ملامسة الجلد للجلد؟
الطريقة بسيطة للغاية ولكنها تحتاج إلى اهتمام من الطاقم الطبي في غرفة الولادة:
- بعد ولادة الطفل مباشرة، يُجفف جيدًا بمنشفة دافئة.
- يوضع الطفل على صدر الأم بحيث يلامس جلده جلدها مباشرة.
- يُغطّى الطفل والأم ببطانية أو ملاءة للحفاظ على الدفء.
- يُترك الطفل في هذا الوضع لفترة لا تقل عن ساعة، أو حتى ينهي أول رضاعة طبيعية.
تُعتبر هذه الخطوة أساسية في رعاية حديثي الولادة في العديد من المستشفيات حول العالم، إذ أثبتت الدراسات أن البدء المبكر بالتلامس الجلدي يُحدث فرقًا ملحوظًا في صحة ونمو الطفل على المدى القريب والبعيد.
فوائد ملامسة الجلد للجلد للطفل
أثبتت الأبحاث الطبية أن ممارسة التلامس الجلدي المبكر بين الأم وطفلها تحمل مجموعة كبيرة من الفوائد الصحية والنفسية للمولود، ومن أبرزها:
1. تهدئة الطفل وتقليل بكائه
الطفل الذي يوضع على صدر أمه بعد الولادة مباشرة يبكي أقل، ويظهر عليه شعور واضح بالهدوء والراحة، مقارنة بالأطفال الذين يُفصلون عنها فور الولادة. دفء الأم ورائحتها وصوت دقات قلبها تُشعر الطفل بالأمان، لأنها تذكره بالبيئة التي اعتاد عليها داخل الرحم.
2. تنظيم درجة حرارة الجسم
من المدهش أن جسم الأم قادر على تعديل حرارته تلقائيًا بما يتناسب مع حرارة الطفل. فإذا كان الطفل باردًا، ترتفع حرارة صدر الأم لتدفئته، والعكس صحيح. هذه الخاصية الطبيعية تساعد على استقرار حرارة الطفل في الدقائق والساعات الأولى بعد الولادة، وتقلل الحاجة إلى حضانات التدفئة.
3. تحسين التنفس ومعدل ضربات القلب
ملامسة الجلد للجلد تساعد على استقرار وظائف القلب والجهاز التنفسي لدى المولود. فقد أظهرت الدراسات أن الأطفال الذين يمارسون التلامس الجلدي المبكر يتمتعون بمعدل تنفس منتظم وضربات قلب مستقرة، مما يقلل من التوتر الجسدي الناتج عن الانتقال المفاجئ من بيئة الرحم إلى العالم الخارجي.
4. تقوية المناعة من خلال البكتيريا النافعة
عند ملامسة جلد الأم، تنتقل إلى جلد الطفل البكتيريا المفيدة التي تعيش بشكل طبيعي على جسدها، ما يساعد في بناء جهاز مناعة قوي ويحميه من العدوى البكتيرية في المستقبل.
5. تحفيز الرضاعة الطبيعية
تلامس الجلد مع الجلد يُحفّز الغريزة الطبيعية لدى الطفل للبحث عن الثدي والبدء في الرضاعة. كما يرسل إشارات إلى دماغ الأم لإفراز هرمون الأوكسيتوسين، الذي يساعد في انقباض الرحم بعد الولادة وتحفيز نزول الحليب.
6. تعزيز النمو العصبي والعاطفي
التلامس الجسدي المبكر يُسهم في تطور الجهاز العصبي للطفل، ويعزز نمو الدماغ من خلال تحفيز الهرمونات المسؤولة عن الراحة والارتباط العاطفي.
فوائد ملامسة الجلد للجلد للأم
ليست الفوائد مقتصرة على الطفل فقط، فالأم بدورها تستفيد من هذه التجربة بشكل كبير على المستويين النفسي والجسدي.
1. تحفيز إفراز الحليب
عندما يلامس الطفل جسد أمه، تُفرز في جسمها هرمونات الأوكسيتوسين والبرولاكتين، اللذان يلعبان دورًا رئيسيًا في بدء عملية الرضاعة الطبيعية وزيادة كمية الحليب.
2. الوقاية من اكتئاب ما بعد الولادة
اللحظة الأولى التي تحتضن فيها الأم طفلها الجديد تُحفّز إفراز الهرمونات المسؤولة عن السعادة والراحة النفسية، مما يقلل من خطر اكتئاب ما بعد الولادة ويقوي الترابط العاطفي بينهما.
3. تقليل التوتر والألم
الأمهات اللواتي يقمن بملامسة الجلد للجلد يشعرن بمستوى أقل من التوتر بعد الولادة، ويستمتعن بإحساس أقوى بالهدوء والطمأنينة. كما أن هذه الممارسة تساعد في تقليل الشعور بالألم الناتج عن الولادة.
4. تعزيز الثقة والعلاقة العاطفية
الاحتضان المبكر يجعل الأم تشعر بارتباط قوي وفوري مع طفلها، ويمنحها ثقة أكبر في قدرتها على رعايته وتلبية احتياجاته.
إن ملامسة الجلد للجلد ليست مجرد لحظة عاطفية بين الأم وطفلها، بل هي وسيلة طبيعية وعميقة لدعم الصحة الجسدية والنفسية للطرفين.
فهي تساعد الطفل على التكيف مع الحياة الجديدة، وتعزز الرضاعة الطبيعية، وتوطد العلاقة العاطفية التي تمتد آثارها لسنوات طويلة.
إن تشجيع هذه الممارسة في المستشفيات والمراكز الصحية يجب أن يكون جزءًا أساسيًا من رعاية ما بعد الولادة، لأنها تمثل أول وأجمل خطوة في بناء علاقة قوية بين الأم وطفلها علاقة تبدأ من القلب والجلد، وتستمر مدى الحياة.
إقرأي أيضاً: مشكلات الرضاعة الطبيعية الشائعة
الأسئلة الشائعة حول التلامس الجلدي بعد الولادة
ما هي ملامسة الجلد للجلد بعد الولادة؟
هي وضع الطفل حديث الولادة مباشرة على صدر أمه العاري ليلامس جلده جلدها، مع تغطيتهما ببطانية دافئة للحفاظ على الحرارة.
تستمر هذه اللحظة عادة لمدة ساعة أو حتى انتهاء أول رضاعة طبيعية، وهي من أهم الخطوات التي تساعد الطفل على التكيف والشعور بالأمان، وتساعد الأم على إفراز هرمونات الحليب والارتباط بطفلها.
ما هي فوائد التلامس الجسدي بين الأم والطفل؟
للطفل:
- يهدئه ويقلل بكاءه.
- ينظم التنفس وحرارة الجسم.
- يحسّن الهضم ويقوي المناعة.
- يساعد على الرضاعة الطبيعية والنوم الهادئ.
للأم:
- يحفّز إفراز الحليب.
- يقلل النزيف بعد الولادة.
- يخفف التوتر ويعزز الارتباط العاطفي.
ما هي فوائد طريقة ملامسة الجلد بالجلد (Skin to Skin Method)؟
تعرف باسم رعاية الكنغر وتفيد بشكل خاص الأطفال الخدج. تشمل فوائدها تحسين التنفس، الحفاظ على حرارة الجسم، زيادة الوزن، تقوية المناعة، وتعزيز النمو العقلي والعاطفي.
تم تحرير هذه المقالة من قبل فريق “علمتني كنز” اعتماداً على معلومات مترجمة من المصدر.
المصدر: healthychildren.org
نصيحة اليوم
صراخ طفلك سيخف تدريجياً مع بدء قدرته على الكلام، لأنه لا يملك لغة المحيط!


