تاريخ النشر 24 أبريل, 2021
كثيراً ما تسأل الأمهات كيف نعزز الثقة بالنفس عن الأطفال؟ والإجابة تحتاج الكثير من الاهتمام!
عندما كنت صغيرة كانت أمي دائما تثني على جمالي، وتردد يومياً على مسمعي أنتِ حلوة.
كبرت وأصبحت في عقدي الثالث وكلمات أمي محفورة في عقلي ” أنا حلوة، أنا جميلة”.
ومهما حاول أحدهم أن يشكك بجمال قسماتي وملامحي! لن أصدقه ولن أتأثر بكلامه، لأن ماما قالت أنّي جميلة!
وعلى الطرف المقابل، لي صديقة عانت طوال حياتها من التنمر بسبب لون بشرتها الأسمر، كانت تبكي وتتألم كلما سمعت تعليقاً حول لون بشرتها وكانت تقول: “نفس كلام بابا، كان يناديني يا سمرة باستهزاء”.
بناء الثقة بالنفس يبدأ من البيت
تقسم الثقة بالنفس إلى قسمين:
1- الثقة الداخلية:
هي مشاعر الطفل تجاه ذاته ، هي ثقته بنفسه عندما يقف أمام المرآة، عندما يتحدث مع نفسه،وعن نفسه، عندما يقوم بعمل ما، عندما يواجه صعوبة ما، وعن مدى تقبله لأخطائه.
هذه الثقة هي المفتاح الأساسي للطفل القوي القادر على مواجهة التنمر والتعليقات السلبية.
2- الثقة الخارجية:
هي الثقة التي يشعر بها الطفل عندما يتلقى مديحاً من خارج الأسرة، أي الثقة التي ترتبط بالعالم الخارجي.
أُصبح متيقناً أكثر فأكثر أنه جميل، عندما تقول له ماما أنت جميل، و متيقناً أن عمله جيد فماما تقول “عملك جيد”!
لنتفق إذاً : أن بناء وتعزيز الثقة يبدأ من المنزل، وما أسميناه الثقة الداخلية التي تحتل المقام الأول لدى الطفل.
ثم تأتي بعدها الثقة الخارجية التي يكتسبها من المجتمع الخارجي فتزيد وتؤكد هذه الثقة.
وعلينا أن نعرف أن الإنسان بحاجة للحصول على نسبة كبيرة من الثقة الداخلية مقارنة بالثقة الخارجية.
يمعنى أن يكون منبع ثقتي بنفسي داخلياً (بنسبة 60% فما فوق مثلاً).
وأعتمد على تعليقات الآخرين لتعزيز ثقتي بنسبة ( 10-20% مثلاً).
خطوات عملية لتعزيز الثقة بالنفس لدى طفلك
لنبدأ بالخطوات العملية التي تساهم بتعزيز ثقة طفلك بنفسه (الداخلية والخارجية).
1- الحب غير المشروط:
أن تطلبي شروطاً كي تحبي طفلك أكثر !!هذا يعني أنه ليس جديراً ولا يستحق هذا الحب دون هذه الشروط!!
“بحبك إذا طلعت الأول على الصف” هذا مايتردد على مسامع الطفل .
(دون أن تكون الأول أنت لا تستحق الحب) وهنا نحن نغذي الثقة الخارجية على حساب الثقة الداخلية.
فالطفل دائماً بحاجة إلى عوامل خارجية ليثق باستحقاقه للحب، ويشكل هذا الأمر توتراً كبيراً عليه كي ينجح ،ويكون من الأوائل، وقد يخلق لديه ردة فعل عكسية ،فيكره الدارسة، ويرفضها كونها مرتبطة بحب الآخرين له وثقته بنفسه.
2- جمال الجسد بكافة تفاصيله:
امدحي طفلك بكل تفاصيله ، شكله وشعره وجمال فمه وأنفه وأصابعه ، اطلبي منه أن ينظر إلى نفسه بالمرآة وقولي له “هل ترى كم أنت جميل! انظر لعينيك، لشعرك، وأنفك، ماما أنت جميلٌ جداً جداً” امدحي بدون أي شروط أو مقارنات
لا تقولي أنت جميل عندما ” تسرح شعرك، أو عندما تلبسين فستاناً” لا تضعي لجمال الشكل شروطاً، ولا تقارني، فتقولي “أنت أجمل من فلان”.
هكذا يمكنك تعزيز ثقة طفلك الداخلية بجسده وشكله وشعره ولون بشرته، وبهذا الشكل نبني طفلاً قوياً قادراً على مواجهة التنمر بثقة داخلية كبيرة.
3- الذات جوهرة ثمينة:
ليكن تقييمك دائماً للسلوك وليس للذات “ما قمتَ به الآن لم يعجبني، ما فعلته مع صديقك كان خطأً، هذا التصرف سيء!”
ما قمت به سيء === لا أنت سيئ
هذه الوظيفة خطأ ==== لا أنت مخطئ
هذا التصرف مزعج === لا أنت مزعج
إياكِ أن تصفي طفلك بأي صفة سيئة (أنت مزعج، سيئ، زنان ..الخ)
بهذه الطريقة تعززين ثقة طفلك الداخلية التي سيحتاجها عندما يقوم بخطأ ما، عندما يرغب بتقييم نفسه وأخطائه.
هكذا أنت تساعدين طفلك أن يكون رحيماً مع نفسه.
أنصح بالتسجيل في (ورشة قواعد التوجيه الصحيح) للتعرف على الأسلوب الصحيح للمحافظة على على ثقة الطفل بنفسه وتعزيزها .
4- احترمي طفلك بكل ما تعنيه هذه الكلمة.
الطفل الذي يعيش في بيت يحترم إنسانيته بأدق تفاصيلها هو طفل متوازن ، واثق بنفسه، لأن احترام أمه وأبيه له يُشعره بقدسية ذاته ومكانتها العالية.
وهنا نحن نعزز الثقة الداخلية، حيث سيحترم طفلك ذاته ويقدرها لأنه اعتاد الاحترام في المنزل.
- اسـتأذنيه قبل القيام بأي عمل يخصه (ممكن اخفض صوت التلفاز؟)
- اطلبي رأيه بأغلب تفاصيل الحياة، مهما بدت لك بسيطة أو معقدة.
- استمعي له بإنصاتٍ واهتمام عندما يتحدث أو يبدي رأيه أو يعلق.
5- أنت مسؤول أنت قادر:
تخيلي أنك موظفة في شركة، وأمام الجميع طلب منك المدير القيام بعمل ما، وقال لك : أنت وحدك قادرة على فعله بشكل صحيح!
ماهو شعورك في هذه اللحظة؟ وماهي نسبة ثقتك بنفسك؟ قدميها لطفلك بنفس الطريقة.
أعطِ طفلك مهاماً ومسؤولياتٍ حقيقية مناسبة لعمره وقدراته الحركية وتطوراته.
هنا أنت تعزيزن ثقة طفلك الداخلية بنفسه، ” ماما تثق بي وبقدراتي، أنا قادر”.
6- وقتنا الخاص:
قمة التقدير والحب تكمن عندما أخصص وقتاً لك وحدك! أنا وأنت فقط نتحدث، نلعب، نقفز، نغني، نمشي ونفعل ما تشاء.
وقتي الآن ملكك لأنظر إليك، لأحبك، لأستمع إليك، لأفعل ما تحب، أنا وأنت فقط، ما يسمعه الطفل” أنا كافٍ ، أنا أستحق هذا الوقت”.
وهنا أنت تعززين ثقة الطفل الداخلية بحديثه مع نفسه.
إياكِ والتوجيه أمام الآخرين
لكن ماذا لو قام طفلك بسلوك خاطئ أمام الجميع؟
اكسري التوتر وغيّري الموضوع لتنقذي طفلك من حفرة الخجل، وجهي طفلك بينك وبينه فقط (وهنا أنصحك مجدداً بالتسجيل في ورشة التوجيه الصحيح
إياكِ والاستهزاء برأيه أو كلامه، مهما بدا لك رأيه مضحكاً أو خاطئاً.
حذارِ أن تقتربي من ذات طفلك، تحدثي عن الرأي أو الجملة التي قالها ، وأعطها التقييم اللازم بكل حب وحكمة.
لا تشتكيه لأحد أو تتحدثي عنه بالسوء حتى بينك وبين نفسك.
إياكِ والعقاب مهما كانت طريقته ،فالعقاب يهدم ولا يبني شيئاً.
التربية كل متكامل، والثقة بالنفس جوهر التربية لذلك كوني حريصة على بناء ثقة طفلك بنفسه والحفاظ عليها بكل فعل وسلوك وجملة وكلمة تقولينها له.
يمكنك التسجيل في ورشات تربوية أخرى على موقع كنز أكاديمي من هنا
إقرأي أيضاً: هل ينجح العنف في تأديب الأطفال؟
———
تم تحرير هذه المقالة من قبل
غزل بغدادي
مؤسسة مشروع علمتني كنز
حاصلة على دبلوم مونتيسوري من مركز أميركا الشمالية NAMC
نصيحة اليوم
كل ما شعرتي بالغضب من طفلك حطي حالك مكانه وبس ❤️