تاريخ النشر 8 أكتوبر, 2024

في سنوات مبكرة من الطفولة ومع بدء ظهور ملامح شخصية الطفل يبرز العناد عند الأطفال أو بتعبير آخر الاستقلالية كصفة أساسية واضحة، معلنةً مرحلة جديدة يرغب فيها الطفل بالتعبير عن ذاته وبناء شخصيته المستقلة، فيميل للمقاومة أو الرفض عندما يُطلب منه القيام بشيء ما، العناد عنده ليس مجرد رفض للطلبات أو التعليمات وإنما سعي منه لتحقيق الاستقلالية واختبار وضع حدود خاصة به…

 

هل العناد سلوك طبيعي؟

يعد العناد مرحلة طبيعية لتطور الطفل نفسياً واجتماعياً حيث يتعلم كيفية اتخاذ القرارات والتعبير عن رأيه، وعلى الرغم من أن هذه الصفة قد تبدو مزعجة للأهل لكنها تمثل خطوة هامة نحو بناء شخصية مستقلة قوية، خاصة إذا كان الأهل أو المربين على معرفة جيدة في كيفية تحويل هذا العناد إلى فرصة لتعزيز ثقة الطفل بنفسه وتعليمه الاستقلال الحقيقي الذي يساعده على مواجهة صعوبات الحياة بقوة وثبات.

 

ليس كل رفض عناد! 

من المهم الانتباه لهذا الأمر قبل وضع تصنيف محدد، فكل الأطفال يتجاوزون الحدود بين الحين والآخر

أما الطفل العنيد فهناك صفات ظاهرة بوضوح في شخصيته أغلب الوقت وهي:

الرفض المتكرر وعدم الإستجابة!

-يميل الطفل العنيد إلى الرفض المتكرر للاستماع أو اتباع تعليمات الأهل أو المعلمين ويفضل التعبير عن آرائه الخاصة بدلاً من تنفيذ ما يُطلب منه، ولهذا يجد الأهل صعوبة في التواصل معه ويشعرون الإحباط بالرغم من أن هذا يعكس قوة شخصيته وقدرته على اتخاذ القرارات

 

-الجدال المفرط من الصفات المميزة حيث يسعى هذا الطفل دائماً للدفاع عن وجهة نظره حتى لو شعر بخطئه، فبداخله رغبة كبيرة لإثبات نفسه ومع القليل من التمعن نجد أنه يعكس ذكاءً وحماساً يمكن توجيهه نحو التفكير النقدي وتطوير مهارات الإقناع والتفاوض في المستقبل

-يميل الطفل العنيد بشكل واضح إلى السيطرة ويظهر هذا في تصرفاته اليومية في البيت مع إخوته وفي المدرسة مع الأصدقاء. ستجده دائماً ذلك الطفل القائد الذي يخبر الجميع ماذا يجب أن يفعلوا وكيف، وفي الغالب تكسبه هذه الشخصية القيادية شعبية كبيرة بين أصدقائه.

_من السلوكيات المقلقة للآباء هي تحدي الطفل لعواقب أفعاله بدلاً من الاعتراف بالخطأ، صحيح أن هذا يعكس شجاعة كبيرة لدى الطفل ورغبة في استكشاف العالم من حوله إلا من الأفضل تعليم الطفل التفكير في عاقبة أي شيء قبل فعله.

_يشعر الطفل العنيد بقرارة نفسه أنه مميز عن الآخرين ولذلك لا يقبل التسوية حيث يسعى دائماً لتحقيق ما يريده دون تقديم تنازلات مما يعرضه للكثير من المشاكل مع الأهل والأصدقاء وهذه نقطة حساسة يجب الانتباه لها لكي لا تتحول إلى غرور أو تسلط وأنانية في المستقبل.

أسباب العناد عند الأطفال:

تختلف درجة العناد من طفل لآخر حسب الأسباب التي أدت له وظروف تربية الطفل ومعرفة الأهل ووعيهم بطريقة التعامل الصحيحة مع هذا الطبع، وفيما يلي أبرز هذه الأسباب:

1-رغبة في الاستقلالية والحرية:

مع كل سنة جديدة من حياة الطفل تزداد عنده الرغبة بالإحساس بالحرية والاستقلالية ويظهر العناد كوسيلة للتعبير عن هذا الرغبة فمن وجهة نظره يرى أن رفض القيام بشيء ما أو التمسك برأيه هو تأكيد منه للأخرين على شخصيته المستقلة.

2-البحث عن الاهتمام:

يحتاج الطفل في سنوات عمره الأولى الكثير من الاهتمام والرعاية وعندما يلاحظ أن عناده يثير انتباه وردة فعل الأهل سواء إيجابية أو سلبية فإنه يلجأ لتكرار هذا السلوك.

3-الخوف من الفشل: 

بعض الأطفال يشعرون بعدم الارتياح تجاه المجهول وهذا الشعور يجعلهم يقاومون التغييرات أو التجارب الجديدة ويميلون للتمسك بما هو مألوف ورفض أي تغيير.

4-افتقار الطفل إلى مهارات التواصل: 

في كثير من الحالات يواجه الطفل صعوبة في التعبير عن مشاعرة أو احتياجاته فيلجأ إلى لغة العناد أو نوبات الغضب للحصول على ما يريده.

5-الفضول والرغبة في اكتشاف الممنوع: 

يدرك الطفل الحدود التي وضعها الأهل أو المعلمين ولكن في مرحلة ما يرغب الطفل في التمرد وتجربة ما هو أبعد من المسموح، وهذا السلوك يعتبر جزءاً من عملية التعلم والنمو وسعي الطفل لفهم العالم من حوله، وإذا تعامل الأهل مع هذه الرغبة بشكل صحيح سيتمكن الطفل من اختبار عواقب أفعاله وسيتعلم من خلال التجربة التمييز بين الصح والخطأ.

من خلال الأسباب السابقة أدركنا أن العناد ليس مجرد سلوك سلبي، بل هو جزء من رحلة تعلم الطفل وإثبات استقلاليته، ولكن كيف يمكن للآباء الحد من هذا السلوك مع تقديم الدعم للطفل وتعزيز شعوره بالاستقلالية والثقة نستعرض فيما يلي أهم وأبرز الحلول.

 

حلول عملية لتعزيز الاستقلالية عند الطفل:

1-الحفاظ على الهدوء: 

عندما يعاند الطفل على أشياء كثيرة خلال اليوم فمن السهل أن يشعر الأهل بالإحباط وربما فقدان السيطرة على النفس والغضب الشديد واللجوء للعقاب، للأسف هذه الطريقة ستؤدي إلى تفاقم المشكلة وتمسك الطفل بموقفه أكثر وبالتالي تزايد حالة التصعيد بين الأهل والطفل، تذكر أن الهدوء مع الحفاظ على موقف ثابت ومتزن هو الحل، حاول أن تأخذ نفساً عميقاً وفكر فيما ستقوله، الصبر في هذه الحالة هو أسلوب فعال لتوجيه الموقف نحو نتائج إيجابية.

2-وضع قواعد واضحة وثابتة:

يحتاج الطفل إلى التوجيه والتذكير بشكل مستمر حتى يدرك تماماً ما هو المسموح والممنوع عندما تريد منه أن يفعل شيئاً ما أو يمتنع عنه، اشرح بوضوح السبب والنتيجة، مع التركيز على الدافع الإيجابي أكثر من العاقبة السلبية. على سبيل المثال تنظيف الأسنان: أخبر طفلك أن أسنانه جميلة وتساعده على تناول الطعام وتعطيه ابتسامة جميلة لذلك من واجبه أن ينظفها باستمرار  بدلاً من تخويفه من التسوس وطبيب الأسنان، فربما يأتي يوم يكون طفلك بحاجة فعلاً للطبيب ولكن بسبب الصورة الذهنية المخيفة التي زُرعت في عقله سيعاند ويرفض الذهاب للطبيب، إذا الوضوح والشرح المسبق والصدق هو الحل.

3-قدم لطفلك إمكانية الاختيار: 

من أفضل الطرق لمساعدة الطفل على الشعور بالاستقلالية والتحكم وتقليل من رغبته بالعناد والرفض، بدلاً من فرض أوامر مباشرة قدم لطفلك خيارات محدودة ولكنها جميعاً تصب فيما تريده أنت، على سبيل المثال بدلاً من أن تقول له تناول صحن الخضار اسأله: ماذا تريد أن تأكل أولاً الخس أم الخيار؟

4-استخدام المدح و التوكيدات الإيجابية: 

طريقة فعالة جداً لتخفيف العناد عند الأطفال وتوجيه سلوكهم نحو الأفضل، عندما ترى طفلك يتصرف بشكل جيد امدحه على الفور مع شرح تفاصيل الأشياء الجميلة التي قام بها لتعزز عنده شعوره بالاهتمام والتقدير.

5-كن قدوة له

يكتسب الطفل الكثير من سلوكياته وطباعه من خلال مراقبة ومحاكاة طباع الأهل، تذكر أن سلوكك له انعكاس كبير على تصرفات الطفل لذا حاول أن تكون قدوة له في الصبر والمرونة، احرص على وجود حوار حقيقي بينكما عن مختلف مواضيع الحياة المناسبة لعمره ولا تقلق أو تخجل من تغيير رأيك أمامه إذا قدم لك أسباباً مقنعة، على العكس فأنت هنا تقدم له نموذجاً يقتدي به في المرونة وعدم التشبث بالرأي.

6-التواصل الفعال مع الطفل:

خصص مساحة للحوار مع طفلك يشعر فيها بالراحة في التعبير عن نفسه ومشاركة أفكاره وآرائه دون خوف من العقاب أو الحكم عليه. عندما يشعر طفلك أنك تسمعه وتفهمه سيكون أكثر استعداداً للتعاون معك وتنفيذ ما تطلبه منه

لمزيد من التفاصيل والحلول يمكنكم الاشتراك في دورة الطفل المستقل، نتناول فيها حالة العناد عند الأطفال من جميع الجوانب من خلال شرح أساسيات وجذر المشكلة وكيفية التمييز بينها وبين الاستقلال بجوانبه الأربعة الهامة في حياة الطفل، والأهم تقديم طرق مبتكرة وحلول عملية واقعية تساعدك في تربية طفل مستقل متوازن وسعيد

غزل بغدادي

غزل بغدادي

مستشارة تربوية | مؤسسِة علمتني كنز

هل كان هذا المقال مفيدا لكِ؟ شاركِيه مع الآخرين

نصيحة اليوم

  • باقة الطفل السعيد بين يديكِ الآن لتربية طفل مستقل و سعيد ❤️

مقالة اليوم

فيديو اليوم

نشاط اليوم

الأكاديمية

تابعنا

المقالات المرتبطة

  • طفلي أعسر – الجزء الثاني

    25 أغسطس, 2022

  • كيف أتحدث لطفلي عن فلسطين؟

    25 مايو, 2021

  • كيف أحمي طفلي من الأغراض المؤذية؟

    26 يناير, 2022

طفلي أعسر – الجزء الثاني

25 أغسطس, 2022

كيف أتحدث لطفلي عن فلسطين؟

25 مايو, 2021

كيف أحمي طفلي من الأغراض المؤذية؟

26 يناير, 2022