تاريخ النشر 27 أكتوبر, 2024

العودة للمدرسة، موسم سنوي يأتي حاملاً معه مزيجاً من المشاعر التي تختلف من طالب لآخر. فبينما ينتظر بعض الطلاب بفارغ الصبر بداية العام الدراسي الجديد متطلعين إلى لقاء أصدقائهم واستكشاف مرحلة جديدة بموادها العلمية وأنشطتها المدرسية المختلفة، يشعر آخرون بقلق وخوف شديد. 

هؤلاء الطلاب الذين تعرضوا للتنمر سابقاً يحملون معهم ذكريات مؤلمة أثرت على ثقتهم بأنفسهم وولدت لديهم شعوراً بعدم الأمان والخوف من العودة إلى البيئة الاجتماعية للمدرسة التي كانت السبب في تلك الألم والمعاناة. فبدلاً من شعورهم بالحماس للسنة الجديدة يكون تفكيرهم موجهاً عن إمكانية وكيفية مواجهة أقرانهم المتنمرين مرة أخرى مع شعورٍ بالخوف من عدم وجود أصدقاء أو أهل أو موجهين يدعمونهم في تلك اللحظات الحرجة.

لذلك، من المهم أن يكون الأهل والمربين والمعلمين واعين بمشكلة التنمر في المدرسة لما لها من تأثير كبير على صحة الأطفال النفسية وحياتهم الاجتماعية، مع الحرص على تقديم الدعم لهم ومساعدتهم على تجاوز مخاوفهم واستعادة شعورهم بالراحة والأمان في محيطهم المدرسي.

 

تعريف التنمر 

يُعرّف التنمر وخاصة في المدرسة بأنه سلوك مسيء يتعرض فيه الطفل لهجوم متكرر وبشكل مقصود، وتتنوع شدة هذا الهجوم بدءاً من الإساءة بالإيماءات وتعابير الوجه وتتدرج إلى الإساءة اللفظية والاستهزاء والتنابز بالألقاب وهي الحالة الأشيع، وقد تصل في بعض الحالات إلى أذى جسدي مباشر كالركل أو الضرب. عادة ما يقدم على هذا السلوك الأطفال الذين يتمتعون بصفات خاصة تميزهم عن غيرهم مثل الأكثر شعبية أو جمالاً أو الأعلى مكانة اجتماعياً، أما الضحية فتكون في الغالب من الأطفال الذين ينتمون لأسر أقل في المكانة الاجتماعية والمستوى المادي أو الذين لديهم إعاقة جسدية أو صفات جسدية مختلفة عن الشائع كلون البشرة مثلاً.

 

من الجدير بالذكر أنه ومع تطور التكنولوجيا وامتلاك الكثير من الأطفال لهواتف ذكية فقد امتد التنمر لدائرة أوسع من المواجهة المباشرة ليصبح على شكل رسائل تهديد أو ابتزاز بالصور أو إخبار أشياء محرجة عن الطفل كنوع من التشهير بين أصدقائه. ولهذا من الضروري إبقاء الطفل بعيداً عن وسائل التواصل الاجتماعي لأطول فترة ممكنة ويفضل ألا يستخدمها قبل سن الرابعة عشر.

الوقاية خير من العلاج

من الضروري توعية الطفل لما قد يتعرض له في حال كان طالباً مستجداً أو قبل العودة للمدرسة وهناك عدة خطوات على بساطتها إلا أنها فعالة جداً:

1-ثقِّف طفلك:

الطفل قادر على استيعاب أي موضوع في حال تحدثت معه بطريقة مناسبة لسنّه وتفكيره، لذا أخبر طفلك مسبقاً من ظاهرة التنمر وأكد له أن لا أحد يحق له السخرية من شكل الآخر أو صفاته.

2-غرس القيم الإيجابية:

وأهمها الثقة بالنفس والاحترام، فعندما يشعر الطفل بالاحترام تجاه نفسه والآخرين تتكون لديه حصانة نفسية ويصبح أقل تأثراً بأفعال المتنمرين، أما الثقة بالنفس ستساعده على مواجهة المتنمرين ووضع حد لهم دون الخوف من تهديدهم أو قوتهم.

3-الحديث والتواصل اليومي مع الطفل:

التواصل الفعال مع الطفل هو المفتاح لفهم مشاعره وما مر به خلال اليوم، عود طفلك على وجود حديث يومي لطيف يخبرك من خلال عن يومياته في المدرسة، بهذه الطريقة سيشعر الطفل بالأمان والثقة في التحدث عن أي مواقف غير مريحة يتعرض لها، وهكذا يمكنك اكتشاف أي بوادر للتنمر باكراً والتدخل لحمايته بشكل مناسب قبل تفاقم الأمور.

4-كن قدوة له في الاحترام وعدم السكوت عن الظلم:

يتعلم الأطفال كثيراً من خلال الملاحظة، لذا احرص ومنذ سنوات الطفولة المبكرة أن تكون قدوة لطفلك في احترام الآخرين واللطف في التعامل وقبول الاختلاف. من الضروري أن تظهر لطفلك أهمية عدم السكوت عن الظلم حتى يدرك أن التنمر سلوك خاطئ يجب أن يتوقف سواء حدث معه أو مع أصدقائه.

علامات تدل أن طفلك يتعرض للتنمر:

بعد العودة للمدرسة ستلاحظ تغيرات في سلوك الطفل معظمها نتيجة طبيعية لتطور شخصيته ونضجه، ولكن هناك بعض العلامات الهامة وعلى رأسها تغير الحالة النفسية والعاطفية للطفل لأن بعض الأطفال لا يعبرون عن مخاوفهم بشكل لفظي واضح ومن أبرز تلك العلامات:

الخوف من الذهاب إلى المدرسة أو الانضمام إلى الفعاليات المدرسية.

القلق أو العصبية أو الحذر الزائد.

نوبات غضب في المنزل كنوع من ردة فعل لما يتعرض له من قهر وتنمر في المدرسة.

فقدانه المفاجئ لأصدقائه وتجنب المواقف الاجتماعية.

تراجع أدائه المدرسي.

محاولة التغيب عن المدرسة بشكل مقصود أو الاتصال من المدرسة لطلب العودة إلى المنزل.

رغبته بالبقاء بالقرب من البالغين طوال الوقت سواء الأهل أو المعلمين في المدرسة.

عدم النوم جيداً وقد يعاني من الكوابيس.

الشكوى من الصداع أو آلام المعدة أو غيرها من الأمراض الجسدية.

شعور الطفل بتوتر وضيق بعد كل مرة يستخدم فيها الإنترنت للتواصل مع أصدقائه. 

 

في حال اكتشفت أن طفلك يتعرض للتنمر في المدرسة فإليك أهم ما يجب فعله:

 

  1. استمع إلى طفلك بهدوء:

عندما يأتي لك طفلك متألماً ليتحدث عما واجهه من تنمر في المدرسة، من الضروري أن تستمع له بهدوء وتركيز. اجعل حديثه محور اهتمامك وتجنب توجيه اللوم إليه أو طرح العديد من الأسئلة التي قد تزيد من شعوره بالقلق وتمنعه من مصارحتك في المستقبل. بعد أن ينتهي اشكره على صراحته وثقته بك واحرص أن تعطيه شعور الاطمئنان بأن ما يحدث ليس خطأه، بل هو نتيجة تصرفات غير مقبولة من المتنمر وأكد له أنك ستساعده في حل المشكلة، شعوره بالأمان والثقة تجاهك سيعزز العلاقة بينكما بشكل كبير.

في بعض حالات التنمر الشكلي التي تتعرض لها الإناث على وجه الخصوص، لا مانع من تغيير الشيء الذي سبب التنمر في حال رغبت طفلتك بذلك مع التأكيد لها أنها جميلة بكل الأحوال وأن التغيير من أجلها وليس للآخرين.

 

2-التواصل مع المدرسة:

من المهم التحدث مع المعلم أو إدارة المدرسة بشأن الطالب الذي يتنمر على طفلك. أخبرهم بالتفصيل عما يحدث واطلب منهم المساعدة في معالجة المشكلة. للمدرسة والكادر التربوي والتعليمي دور كبير في الحد من هذه المشكلة من خلال اتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية الأطفال وضمان بيئة تعليمية آمنة، تواصل بشكل دوري مع المدرسة لمتابعة الوضع.

 

3-دعم الطفل نفسياً وتعزيز ثقته بنفسه:

احرص دائماً على زرع الثقة بداخل طفلك أنه يمكنه الاعتماد عليك واللجوء لك في أي وقت، هذا الشعور سيعطيه حصانة نفسية تحميه من التأثر بكلام أو تصرفات المتنمرين وتعطيه الشجاعة ليتحدث بالأمر ولا يسكت عن الظلم تحت أي تهديد.

من المهم أيضاً تطوير مهاراته الشخصية والاجتماعية، علمه رياضة تقوي بنيته الجسدية فذلك ينعكس إيجاباً على ثقته بنفسه وشجاعته ويقلل من تأثير التنمر عليه ويمكّنه من حماية نفسه في حال وصل الأمر للتعدي الجسدي.

تعتبر المدرسة جزءاً أساسياً من حياة الطفل، حيث تلعب دوراُ كبيراً في تشكيل شخصيته وتطوير مهاراته الاجتماعية والعاطفية، والحياة المدرسية السعيدة تتطلب إتقان مجموعة متنوعة من المهارات التي تمكّن الطفل من المطالبة بحقوقه والدفاع عن نفسه وبالتالي يصبح قادراً على مواجهة العديد من التحديات المحتملة، ومن أبرزها ظاهرة التنمر التي تؤثر على نفسيته وثقته بنفسه.

إذا كنت ترغب في مساعدة طفلك في هذه المرحلة الحساسة، فإننا ندعوك للإستفادة من  “حقيبة الكنز المدرسية” مع بدء موسم العودة للمدرسة، حيث نقدم من خلالها شرحاً وافياً لأهم المهارات المدرسية التي يحتاجها طفلك ليخوض تجربته التعليمية بسعادة وثقة واحترام ويكون قادراً على مواجهة مختلف التحديات وأبرزها التنمر. بالإضافة لذلك، ستجد دليلاً مفصلاً يساعدك على إعادة تنظيم نوم الطفل بعد انتهاء العطلة الصيفية، كما نقدم دورة  من التربية الجنسية الصحيحة التي تساعدك لشرح هذه المفاهيم الجديدة على طفلك بطريقة مبسطة ومناسبة لعمره. 

غزل بغدادي

لينا بايزيد

مستشارة تعليمية

هل كان هذا المقال مفيدا لكِ؟ شاركِيه مع الآخرين

نصيحة اليوم

  • باقة الطفل السعيد بين يديكِ الآن لتربية طفل مستقل و سعيد ❤️

مقالة اليوم

فيديو اليوم

نشاط اليوم

الأكاديمية

تابعنا

المقالات المرتبطة

  • معالم النمو لعمر السنة

    15 فبراير, 2024

  • مص الإصبع و صحة أسنان الطفل

    12 مايو, 2020

  • قيمة الاختلاف، كل إنسان مختلف

    19 نوفمبر, 2021

معالم النمو لعمر السنة

15 فبراير, 2024

مص الإصبع و صحة أسنان الطفل

12 مايو, 2020

قيمة الاختلاف، كل إنسان مختلف

19 نوفمبر, 2021